إنّ توجهات التعليم الحديث تهدف إلى تمكين الطلبة من إيجاد حلول إبداعية وابتكارية للمشكلات وتنمية مهاراتهم، وعلى هذا الأساس ظهرت العديد من المنهجيات التي تدعم هذه الفكرة، ومنها: منهجية في البيئة التعليمية STEAM
منهجية STEAM :
هو نهج متعدد التخصصات في التعليم، ويتم فيها إقران المفاهيم العلمية بالظواهر الطبيعية، إذ تهدف هذه المنهجية إلى تعزيز التواصل بين عناصر العملية التعليمية بشكل فعال، إلى جانب تعزيز قدرة الطلاب على تطبيق المعارف وحل المشكلات والقدرة على التفكير الإبداعي، خاصة في مجالات العلوم والهندسة والرياضيات والتكنولوجيا .( غانم 2011)
كما وضحت أومول : أن مجالات STEM والتي عادة ما تدرس منعزلة أصبحت كمنهج متكامل يساعد الطالب في تنمية تفكيرهم ، كما يؤهلهم للمهن التي سيمتهنونها في المستقبل (2013Omole)
اختصار للعلوم، التكنولوجيا، الهندسة، الفنون والرياضيات. تستهدف هذه المنهجية دمج هذه المواد الدراسية في المناهج الدراسية الأساسية والترابط بينها.
وتسعى منهجية STEM إلى تعزيز قدرة الفرد على تطبيق المعرفة عبر أربع مجالات مترابطة :
- العلوم : وتعني بالقدرة على استخدام المعرفة العلمية في فهم العالم الطبيعي.
- الهندسة : ويقصد بها عملية التصميم الهندسي وأهميتها في تكوين التكنولوجيا ، وكذلك تطبيق المبادئ العلمية والرياضية لغايات علمية ، مثل : تصميم وتصنيع وتشغيل العمليات والنظم
- التكنولوجيا : حيث يمكن استخدم وإدراك وتقييم جميع أشكال التكنولوجيا.
- الرياضيات : قدرة الطالب على تحليل وإدراك الافكار بشكل فعال ، كما أنها تشكل صياغة وحل المشكلات الرياضية . National Governors Association,2009
يعمل نظام STEAM على تهيئة عقل الطلبة للتعامل مع العلوم والفنون المعاصرة.
يختلف نظام STEAM عن سائر الأنظمة التعليمية التقليدية في أنه لا يعتمد على الحفظ والتلقين. ولكن على التعامل مع المواقف الواقعية والأساليب الإبداعية للتعلم القائمة على حل المشكلات. يرجى ملاحظة أن تطبيق هذه المنهجية يختلف من مدرسة إلى أخرى، ولا يوجد نظام محدد لتطبيق هذه المنهجية في مدارس التعليم العام.
ووجدت دراسة تود وآخرون : أن الطالب الدارسين وفق منهجية STEM أكثر تركيزا على المشكلة ، ولديهم القدرة على التحكم في تصميم المشكلة والتنبؤ بنتائج الحلول ، وأن التصميم الهندسي التكنولوجي يزيد من قدرة طالب الثانوية على حل المشكلات المعقد. ( غانم ، ۲۰۱۱ (
ومن الدراسات التي أشارت بجدوى منهجية STEM على التحصيل الدراسي ما أشارت إليه أونيل وآخرون: حول تأثير منهجية STEM في رفع مستويات المشاركة والتفكير النقدي وحل المشكلات لدى طالب الصف السادس والسابع والثامن ، كما ساعد في تحقيق نتائج أفضل في اختبارات نهاية العام (O ' Neill et al,2012)
من استراتيجيات منحى STEAM استراتيجية حل المشكلات والاستقصاء والتعلم القائم على المشاريع
بعض النماذج التعلمية لتعليم STEAM
أولاً: حل المشكلات
يستخدم هذا النموذج في بعض أشكال المعرفة كالحقائق العلمية أو المفاهيم مثلاً: توضيح عمل إدارة أو جهاز معين، وهو وسيلة لجمع المعلومات عن مشكلة علمية، ويستخدم أيضاً في المراجعة والتقويم والتطبيق.
خطوات حل المشكلة
1 – وضع الطلبة أمام مشكلة ويجب أن يحس الطلبة بالمشكلة.
2- تقديم المشكلة على أنها مشكلة واقعية.
3- يحدد الطلبة إجراءات حل المشكلة والمعلومات التي يحتاجون إليها.
4- يطبق الطلبة إجراءات الحل من خلال عملهم في مجموعات تعاونية وذلك بجمع المعلومات.
5- يجب أن يراعى في اختيار المشكلة أن تثير اهتمام الطلاب وتتحدى قدراتهم، وتكون واقعية تلبي احتياجاتهم واحتياجات المجتمع.
6- يكون التقويم في حل المشكلة تقويما تكوينيا.
دور المعلم في نموذج حل المشكلة
يقوم المعلم بعدد من الإجراءات والخطوات التي تساعد طلابه في تنفيذ هذا النموذج بشكل جيد وهي:
1- التأكد من رغبة طلابه ومعرفة مهاراتهم وميولهم.
2- توفير المواقف التعليمية التي توفر فرص التدريب العملي المناسب.
3- تكوين نمط أو استراتيجية للتصدي للمشكلة.
4- إرشاد الطلاب للعمل الجماعي.
5- تقديم المشكلة على هيئة سؤال.
الجدير بالذكر أن أسلوب حل المشكلة هو أسلوب ينمي القدرة الإبداعية على التفكير، ويساعد على بناء اعتماد الطالب على نفسه، ويؤدي إلى زيادة ثقته بنفسه. ( حبيب 2003)
ثانياً: تعليم STEAMالقائم على المشروعات
هو نشاط غرضي تصاحبه ممارسة عملية، ويجري في محيط اجتماعي، كما أنه نشاط متنوع يقوم به الفرد بمفرده أو مع أفراد الجماعة بقصد تحقيق بعض الأهداف. (دندش( 2003
إن التعليم القائم على المشروعات هو إحدى الركائز الفاعلة لتقديم تعليم STEAMوتطبيقه عمليا، من خلال مشاريع يتبناها المتعلم يحاكي فيها ممارسات العلماء وينمي بها مهاراته للقرن الحادي والعشرين. (غائب 2016)
يمكن البدء بتطبيق (STEAM) على الطلاب من مرحلة رياض الأطفال إلى المرحلة الثانوية ولإنشاء مشروع وفق منحى STEAM القائم على المشاريع لابد من اتباع الخطوات التالية:
تحديد المشروع واختيار نوع المشروع المناسب، فهناك مشاريع بنائية لتصميم التجارب والبحث العلمي، أو لحل المشكلات، أو تعلم بعض المهارات العملية، أوتنمية الاستيعاب المفاهيمي والتفكير الإبداعي، وعلى الطالب طرح الأسئلة بصياغة جيدة وتحديد المشكلة.
- التخطيط الجيد للمشروع بوضع خطة مفصلة لتطبيق المشروع وربط الأنشطة والمهارات والتجارب بالمحاور الخمسة لمنحى STEAM وتوزيع الأدوار على الطلبة وتحديد المدة الزمنية لتسليم المشروع و مصادر المعلومات ومصادر التمويل.
- تنفيذ المشروع: ويكون المعلم موجها ومرشدا وميسرا ومساعدا للطالب بينما الطالب هو محور العملية التعليمية ويلعب دور الباحث والمخطط والمصمم والمحلل والمقيم والمناقش وعليه الاكتشاف والاستقصاء وحل المشكلات
- كتابة التقرير النهائي وتوثيق ما تم عمله وعرض النتائج، ويجب أن يشتمل التقرير النهائي على اسم المشروع والهدف منه والمدة الزمنية وتكامل جوانب منحى STEAM وإجراءات المشروع وبطاقات التقويم وأهم التوصيات والمقترحات.
- تقويم المشروع: ويمكن هنا استخدام التقويم الذاتي وتقويم واقعي يستند إلى معايير الممارسات العلمية الثمانية ومعايير اكتساب المتعلمين للمعرفة والمهارة وللاتجاهات الذكاءات المتعددة.
يواجه تطبيق منهجية STEAM في المدارس العامة العديد من التحديات والصعوبات. ومن بين هذه التحديات، يمكن ذكر:
- قلة الدعم المادي والمعنوي: حيث يتطلب تطبيق هذه المنهجية توفير موارد مادية وبشرية كافية، بالإضافة إلى توفير الدعم المعنوي للطلاب والمعلمين.
- التحديات التقنية: حيث يتطلب تطبيق هذه المنهجية استخدام تقنيات حديثة ومتطورة، مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، مما يتطلب توفير البنية التحتية اللازمة لذلك.
- قلة الخبرة والتدريب: حيث يتطلب تطبيق هذه المنهجية توفير التدريب والخبرة اللازمة للمعلمين، لضمان فاعلية هذه المنهجية في تحقيق أهدافها.
- الصعوبات في التقويم: حيث يتطلب تطبيق هذه المنهجية استخدام أساليب جديدة في التقويم، مثل التقويم الشامل، مما يتطلب توفير الخبرة والتدريب اللازم لذلك.
- الصعوبات في التخصص: حيث يتطلب تطبيق هذه المنهجية تخصص المعلم في مجالات مختلفة، مثل العلوم والرياضيات والفنون وغيرها، مما يتطلب توفير التدريب والخبرة اللازمة لذلك.
- الصعوبات في التكامل: حيث يتطلب تطبيق هذه المنهجية التكامل بين المواد الدراسية المختلفة، مثل العلوم والرياضيات والفنون وغيرها، مما يتطلب توفير برامج دراسية شاملة لذلك.
- الصعوبات في التغيير: حيث يتطلب تطبيق هذه المنهجية إجراء تغييرات جذرية في نظام التعليم، مما يتطلب إدارة فعالة لهذا التغيير.
- صعوبات في قابلية التطبيق: حيث يختلف تطبيق هذه المنهجية من مدرسة إلى أخرى، ولا يوجد نظام محدد لتطبيق هذه المنهجية في مدارس التعليم العام .
ومن واقع خبرتي كمعلمة في تخصص علم الاحياء وما أعتقده أنه وعلى الرغم من الاتفاق و الاجماع حول تأثير ربط هذه العلوم ببعضها البعض، وعلى الرغم من الجهود التي تقوم به وزارة التعليم في المملكة في هذا المسار، إلا أنني أتوقع أن الوقت حان لاتخاذ خطوات أكثر فاعلية وتطبيقية في هذا الاتجاه.
إن ما تقوم به مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع في هذا المضمار يحتاج إلى توسيع دائرة المشاركة والتأثير. فأحد الاسهامات الي اطلعت عليها من الإسهامات التي قامت بها المؤسسة ترجمة كتاب «تصميم مناهج STEAM للطلبة الموهوبين – تصميم برمجة STEAMوتنفيذها»، للكاتب برونوين ماكفارلين ونقله للعربية محمود محمد الوحيدي.
قد يكون هذا العمل وسواه في مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، إحدى المنطلقات لنا في هذا المجال، لكنني لا أرى حصرها فقط في الطلبة الموهوبين، بل أن تكون منهجا متكاملا لجميع الطلاب. لدى القائمين على التعليم في المملكة فالمعلمين والمعلمات في التخصصات العلمية قادرين على إحداث هذه النقلة النوعية متى ما حصل على فرصة للتدريب و التوجيه بما يستجد في الميدان .
فالمعلمة والمعلم في فصله متى ما شاء يستطيع فعل هذا لوحده ومع طلابه، لكن كي لا تتبعثر الجهود، وحتى لا تكون اختيارية لمن يريد فقط؛ أرى أن ربط ودمج هذه المواد سوية مع بعضها البعض على الأقل في هيئة أنشطة منهجية مخطط لها ومدروسة بعناية في دليل مطبوع يوزع مع المناهج الدراسية؛ سيتيح للمعلمين التطبيق على أسس علمية صحيحة وسيفسّر للطالب عددا من الظواهر والممارسات والإجراءات والتطبيقات العملية التي تحدث في الحياة الحقيقية من حوله، وليس فقط معلومات وقوانين نظرية لا يستفاد منها خارج حدود الكتاب والمدرسة، وذلك سيساعده في الفهم والتفسير والتحليل ومن ثم الإبداع والابتكار.
كما ان رؤية المملكة 2030 في أمس الحاجة لمثل هذا النهج التعليمي، لذا أرى أن الوقت حان لكل معلم ومعلمة لتبني التغيير وإظهار القدرة على الإبداع والتطوير من خلال خلق الأنشطة والمشاريع التي تجعل STEM واقعاً ملموساً يعيشه الطالب والمعلم.